التآكل الحمضي يهدد صحة الأسنان


حقق طب الأسنان نجاحًا في علاج تسوس الأسنان وأمراض اللثة، مما يطيل من عمر الأسنان الطبيعية، وكنتيجة لذلك فإن الأسنان قد تتأثر بالتآكل Tooth Wear لفترة طويلة من الوقت، وأسباب التآكل ترجع في الغالب إلى التآكل الحمضي Acid Erosion والتآكل بفعل الاحتكاك Attrition بالإضافة إلى السجل Abrasion.

التغير في نمط الحياة

يؤثر أسلوب الحياة العصرية بشكل كبير في تآكل الأسنان، حيث تحتوي الأعذية في هذه الأيام على كمية عالية من الأحماض من مصادر متعددة بما فيها المرطبات والمشروبات الغازية وعصائر الفاكهة، والتي تعمل على تليين سطح الأسنان، وتفقدها المواد المعدنية مما يجعلها أكثر عرضة للضرر والتآكل، وتعرف هذه الحالة بالتآكل الحمضي وهي تؤثر على مختلف الأعمار.
ويبدأ التآكل الحمضي عند تعرض الأسنان للمأكولات أو المشروبات الحمضية التي تضعف سطح طبقة المينا، مما يؤدي إلى إضعاف طبقة الحماية وبالتالي إلى التقليل من سمك مينا الأسنان والذي بدوره يسبب تغيير تركيب وشكل مظهر الأسنان، وتصبح الأسنان أكثر حساسية.
يشكل ألم الأسنان الناتج عن تناول المأكولات والمشروبات الساخنة أو الباردة أولى علامات التآكل الحمضي، وتعرف هذه الحالة بحساسية الأسنان، وتبدو الأسنان المتضررة مستديرة الشكل وبشكل لماع ومصقول، بالإضافة إلى اصفرار خفيف بفعل تآكل المينا حيث ينكشف عاج الأسنان الموجود تحتها.
وفي المرحلة المتقدمة قد تتعرض الأسنان لظهور بقع صفراء .كما انها قد تبدو أكثر شفافية مع تشقق أطرافها، فضلا عن زيادة حساسية الأسنان وبروز تجاويف صغيرة على سطح السن، والتأثيرات الناجمة عن التآكل الحمضي لا تزول تلقائيًا بل تتطلب المعالجة بغية استعادة شكل ووظيفة الأسنان المتضررة وحمايتها، وفي الحالات القصوى قد تكون النتيجة ضرورة نزع السن المتضررة.

التدخل المبكر هو الحل

معظم المرضى لا يدركون أنهم يعانون من مشكلة التآكل الحمضي إلا عند بلوغ المشكلة مراحل متقدمة، لذا فإن التشخيص المبكر للحالة يعتبر ضروريًا جدًا، وقد تساعد زيادة وعي المريض بالإضافة إلى بعض النصائح الخاصة بأسلوب الحياة ونمط الغذاء في سهولة التحكم والسيطرة على الأعراض المتنامية للتآكل الحمضي، وسنتطرق لاحقًا إلى أساليب الوقاية منه، ومن التسوس، ومن الأمراض التي تصيب الفم إجمالا.
كما أن علاج الحالة في أول ظهورها قد يوفر على المريض متاعب لاحقة قد تستدعي نزع بعض أسنانه وهي خسارة كبيرة.

الوقاية أولاً:

لقد شاع لدى الناس أن الوقاية خير من العلاج، وتلك بديهية يعرفها الكثيرون ولا ينسجم معها إلا القليل منهم، ولما كان ديننا الحنيف يعني بالإنسان كله جسمًا وعقلاً ونفسًا وخلقًا فإن ثمة وصايا كثيرة تعد بمثابة الوقاية المسبقة من إصابة الأسنان بالتسوس والمرض أو بالتآكل الحمضي أو بما ينتاب الفم من أمراض تؤثر سلبًا على صحة الجسم كله، فمن ذلك مثلاً المضمضة ثلاثًا في الوضوء الذي يتكرر خمس مرات أو أكثر في اليوم والليلة، كما أن استخدام السواك عند الوضوء سنة مباركة تزيل الرواسب الغذائية أو غيرها من الأسنان وتبقى الفم مطهرًا من الجراثيم الممرضة، وتحافظ على صحة تجويف الفم إجمالاً.
طالع ايضا : المكملات الغذائية و الغرض من استهلاكها
"بركة الطعام الوضوء قبلة والوضوء وبعده" (رواه أحمد وأبو داود والترمذي).
والمقصود بالوضوء هنا غسل اليدين والفم قبل الطعام وبعده، وهذه توصية وقائية ثمينة في آثارها الصحية.
"تمضمضوا من اللبن فإن له دسما" (الجامع الصغير رقم 8181).
ويندرج في مضمون هذا الحديث المضمضة من كل طعام وشراب كالشاي والقهوة والمرطبات والعصائر التي نشربها، وخصوصًا التي تحتوي على السكر أو على الحوامض التي تسبب التآكل الحمضي للأسنان كما مر معنا آنفًا، ولنا أن نتساءل من منا يذهب بعد شربه للشاي أو القهوة أو العصير إلى المغاسل فيغسل فمه من آثارها؟!
"استاكوا استاكوا لا تأتوني قلحًا" عن ابن عباس- الجامع الصغير.
والقح plog ue هو رواسب صفراء تتجمع على حافات الأسنان الملاصقة للثة وتسبب التهابا وتراجعها، لأن القلح إذا ترك يصبح موضعًا للجراثيم الممرضة، وتكون آثاره المرضية وخيمة إذ تنكشف الأسنان ثم تتخلخل وقد تفقد وهذا الحديث مع كونه وصية وقائية فإنه يحافظ على نصاعة الأسنان وجمالها.
"تسوكوا فإن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب.... ولولا أنني أخاف أن أشق على أمتي لفرضته لهم" (عن أبي إمامة- الجامع الصغير).
وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على السواك، إذ كان يستخدمه عند كل وضوء وقبل أن يخرج من داره وبعد أن يعود إليها، وقبل الطعام وبعده وإذا استيقظ من نومه في ليل أو نهار.
وكل ما ذكرناه آنفًا ثابت في أحاديث صحيحة، وفي ذكر هذا العدد القليل منها إثبات لأساليب الصحة الوقائية للفم التي كان للنبي صلى الله عليه وسلم يتبعها ويوصي باتباعها، ولو طبقنا وصاياه هذه لسلمت أفواهنا وصحتها إجمالاً من الأمراض والأسقام، فالأسنان نعمة عظيمة خلقها الله تبارك وتعالى لنا لتدوم لنا مدى الحياة إذا نحن حافظنا عليها بدقة وعناية وحرص.

من الأبحاث عن السواك

أثبتت الأبحاث العلمية بشأن السواك، التي أجريت في عدد من الدول كألمانيا وماليزيا ودمشق وأمبركا أن في السواك مواد كيميائية فعالة وذات أثر طبي إيجابي نافع لصحة الفم وقائيًا وعلاجيًا، ونظرًا لكثر هذه المواد وتنوعها فليس ثمة معجون أسنان يضاهي السواك في فعاليته ومن ذلك مثلاً:
  1. حمض العفص Tannic Acid وهو مطهر ومقبض يقوي اللثة.
  2. مادة Sinnigrin وهي مطهرة قوية وقاتلة للجراثيم، كما أنها مقبضة أيضًا ومقوية للثة.
  3. أملاح الفلورايد المهمة لتقوية ميناء الأسنان ووقايته من التسوس.
  4. البنسلين، وهو مضاد حيوي واسع المجال يطهر الفم من كثير من الجراثيم الممرضة.
  5. مادة السلفا دورا الواقية من تسوس الأسنان.
  6. بلورات السيليس، وهي مادة تزيل القلح Plaque عن حافات الأسنان فتحمي اللثة من الالتهابات وتحمي الأسنان من التخلخل.
  7. مادة Trimethyl Amine وهي مادة مقوية للثة ومضادة للبكتريا.
  8. كلوريد البوتاسيوم وبيكربونات الصوديوم، وهي تقاوم التآكل الحمضي الذي ذكرناه آنفًا وتقي الأسنان منه.
وهكذا نجد في السواك مواد كثيرة مطهرة للفم من الجراثيم الممرضة والتي تسبب الالتهابات في اللثة واللوزتين والبلعوم فتجعل تجويف الفم في صحة مثالية، كما أن فيه مواد تقي من نخر الأسنان التآكل الحمضي الذي قد يصيبها، أن المرء ليعجب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السواك أنه مطهرة للفم، فهل أجرى عليه أبحاثًا وتحاليل كيمائية ليعلم ذلك ويقوله بثقة تامة، أم أنه علم تلقاه من العليم الخبير جل شأنه؟
وكذلك قوله: "استاكوا لا تأتوني قلحًا". أي أن السواك يزيل القلح، وهذا ما ثبت بالبرهان العملي مما تعجز عنه كل معاجين الأسنان وفرشاة الأسنان بأنواعها المتعددة، ويحققه السواك بكفاءة عالية. وقد أصبحت هذه الأبحاث منشورة، مما حدا بجمعية طب الأسنان الأميركية بواشنطن The American Dental Association-Washington (ADA) لتوجيه منتجي معاجين الأسنان أن يضمنوا في معاجينهم خلاصة مركزة للمواد الفعالة في السواك، وقد بادرت أكثر الشركات المنتجة للاستجابة لهذه التوجيهات.
ولذلك فالمداومة على استعمال السواك يضمن للفم صحة مثالية، وللأسنان نصاعة وتألقًا وجمالاً ووقاية من النخر والتآكل الحمضي وغير ذلك من الأمراض التي تصيب الأسنان والفم، وكل ذلك يناله الإنسان بفضل اتباعه لهذه السنة النبوية المباركة صلى الله وسلم وبارك على صاحبها.

أحدث أقدم