الحوافز والرضى الوظيفي

 

 تعتبر الحوافز من المؤثرات الأساسية، التي تلعب دوراً إيجابياً هاماً وحيوياً في تحسين سلوك الأفراد، ومن خلالها تظهر الرغبة لديهم في تطوير الأداء وتفعيله، الأمر الذي يمكن معه القول: أن قدرة المؤسسات على تحقيق أهدافها تتوقف إلى حد كبير على نجاح الإدارة في توفير القدر الكافي من الدافعية لدى الأفراد، ووضع نظام فعال للحافز الذي يوجه الإثارة نحو الدوافع التي بدورها تدفع العاملين للإنتاج وتحقق لهم الرضا عن ذلك العمل، مما يؤدي إلى رفع الروح المعنوية وتحسين الأداء وزيادة معدلات الإنتاج.

هذا وقد حث الإسلام على تحفيز الأفراد لتأدية الأعمال على أفضل وجه وهناك أدلة كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تؤكد على ذلك.


الحوافز والرضى الوظيفي

  • الحوافز في القرآن الكريم:

قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) الكهف: 30، والأجر هنا يشمل سائر المزايا التي كتبها الله لعباده الصالحين سواء أكانت في الدنيا أو الآخرة، ويمنح الله تعالى الحوافز للعاملين في صورتها الإيجابية (الثواب) والسلبية (العقاب) فالله يعد الذين يفعلون الخير بأن لهم ثواباً كبيراً وتوعد الذين يعملون الشر بأن لهم عذابا عظيما قال تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) الأنعام: 160.

طالع ايضا : أولمبياد الشتاء ٢٠٢٢: الصين تسعى لأن تستثمر هذا الحدث إعلامياً

أن الثواب الذي يمن الله به على عباده والعقاب الذي يتوعد به المخالف منهم، يعطي الحياة معنى ويوفر لهم الانضباط والجدية لقوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت: 33.

أن الإسلام يجمع بين الجانبين الروحي والمادي ويجري بينهما توازنا محكماً يشير إلى ذلك قوله تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) القصص: 77.

ويقص لنا القرآن الكريم قصة موسى وفرعون قال تعالى: (فلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) الشعراء: 41-42.

حيث دعا فرعون السحرة وحفزهم بالأجر وإدخالهم في خاصته أن انتصر على موسى عليه السلام تشجيعاً لهم لبذل أقصي ما لديهم من جهد في محاججة موسى عليه السلام.

إن الحافز الإلهي أساس لفرض القيم الفاضلة في النفوس، فالله يدعو إلى الخير لقوله تعالى: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة: 38.

  • الحوافز في السنة النبوية المطهرة:

يحث الإسلام على دفع اجر الأجير قبل الانتهاء من العمل المكلف به، خوفاً من الوقوع في الجدل المذموم مع وجوب الوفاء الفوري به حتى يصبح مفعولاً، حافزاً على مواصلة العامل لعمله بكفاءة وأمانة وإخلاص، فعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) (سنن ابن ماجة)، وقال أبو سعيد: "إذا استأجرت أجيراً فأعطه أجره" (سنن النسائي).

هذا ويدعو الإسلام إلي توفير الحوافز الاجتماعية للعاملين بتحديد ساعات للراحة تخصص لهم، للتخفيف عنهم عناء العمل وكذلك بتوفير الخدمات اللازمة لهم.

عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدين النصيحة قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) (صحيح مسلم).

وفي هذا تحفيز على الشورى والنصيحة على أن يقدم العاملون ما لديهم من أفكار واقتراحات لدعم المؤسسة التي يعملون بها وان يقول كل شخص رأيه بثقة وحرية لأنه يشعر بأن المسؤول سيسمع إليه جيداً. ومن الممكن أن يأخذ برأيه أن كان سليماً ويصب بالتالي في مصلحة العمل ويؤدي إلى تحقيق المؤسسة لأهدافها التي تسعى للوصول إليها.

ولقد استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم التحفيز في جميع مجالات الحياة وفي مختلف الظروف، لاستشارة الأفراد لتحسين أدائهم وإتقانه والفوز بالدنيا والأخرة ومن ذلك تحفيز الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤلفة قلوبهم بأن أعطاهم من الغنائم ومن عطايا بيت مال المسلمين، تحفيزاً لقلوبهم للثبات على دين الإسلام.

إن عملية تحفيز العاملين في القطاعين العام والخاص كان على سلم أولويات جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه، ومن هنا جاءت جائزة الملك عبد الله الثاني لتميز الأداء الحكومي والشفافية لتجذير ثقافة التميز لدى المؤسسات الحكومية في الأردن، وحث المؤسسات والأفراد على التميز في أدائهم للوصول إلي الممارسة المثلى أو التفوق عليها، ومن أبرز مرتكزات هذه الجائزة توفير بيئة تساعد على خلق ثقافة التميز ونشرها في المؤسسات ووضع معايير ترسي أسس التميز وتدعم السياسات والبرامج والحوافز التي تؤدي إلي إحداث نقلة نوعية، وتطوير أداء الأفراد والدوائر والمؤسسات الحكومية لخدمة المواطنين الأردنيين.

ولقد أولت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية اهتماماً بالغاً في موضوع الحوافز، وحرصت على عدم هجرة ذوي الكفاءات للعمل في الخارج، إضافة إلى وجود إطار قانوني في نظام الخدمة المدنية رقم (30) لسنة 2007م وتعديلاته أكد على ترسيخ المفاهيم الحديثة في تقييم الأداء وإداراته، واكد على ربط الأداء الفردي بالأداء المؤسسي واعتماد نتيجة التقييم كأداة حفز مادية تسهم في التقدم الوظيفي، وقد عملت الوزارة على تطبيق المادة (30) من نظام الخدمة المدنية رقم (30) لسنة 2007م وتعديلاته بحيث يمنح الموظف مكافأة مالية تقررها لجنة المكافآت في الوزارة في الحالات المنصوص عليها في نظام الخدمة المدنية وهي:

  1. إذا قدم براءة اختراع وكان الاختراع ذا فائدة للجهة التي يعمل فيها أو المجتمع وتم وضعها موضع التطبيق على أن تتوافر في الاختراع صفة الابتكار والتجديد وعدم النقل.
  2. إذا قدم مؤلفاً أو بحثاً أو دراسة تحقق فائدة مهمة ومؤكدة للجهة التي يعمل لديها أو للمجتمع.
  3. إذا قام بخدمة متميزة أو بعمل إبداعي أو حقق انجازاً ترتب عليه وفر في النفقات العامة، أدى إلى رفع مستوى الأداء في الدائرة بعد تطبيقه.

ويجوز منح الموظف أي حافز أو مكافأة مادية أو معنوية أو كليهما وتحدد أسس وشروط وحالات منح أي منهما بمقتضى تعليمات يصدرها مجلس الوزراء بناء على تنسيب المجلس.

وللحديث عن هذا الموضوع والذي يخص كل موظف، سواء أكان يعمل في القطاع الحكومي او الخاص فإنه لا بد من التطرق إلى بعض الأمور مثل تعريف الحوافز ومفهومها وأهدافها وأنواعها والمعوقات التي تواجهها.

  • واقع الحوافز ال مقدمة للعاملين في وزارة الأوقاف:

تنفذ الوزارة جملة من الإجراءات التي من شأنها أن تزيد من دافعية العاملين في الوزارة لتحفيزهم للعمل بكفاءة وفاعلية منها:

  • المكرمة الملكية السامية لموظفي دائرة أوقاف القدس البالغة 280% منحة صمود و100 دينار شهرياً.
  • المكرمة الملكية السامية الخاصة بتمكين الأئمة من الزواج.
  • علاوة 30% لمدير الأوقاف بالإضافة إلى العلاوة الإشرافية 20% وعلاوة مراقب التوجيه الإسلامي 50% وعلاوة الأئمة 30% والمؤذنين 10%.
  • إيفاد الموظفين في دورات اللغة الإنجليزية والحاسوب المجانية.
  • إيفاد عدد من الأئمة والوعاظ المميزين لبعض الدول الأوربية خلال شهر رمضان المبارك.
  • السماح للموظف بإتمام دراسته للحصول على مؤهلات علمية أعلى خارج أوقات الدوام الرسمي.
  • مشروع رتب الأئمة والوعاظ.
  • منح العاملين العلاوات المرتبطة بالأداء بموجب نظام الخدمة المدنية فيما يتعلق بالموظف المثالي والموظف المتميز.
  • منح الموظف فرص الإعارة داخل المملكة وخارجها.
  • منح الموظف الاجازات الدراسية والاجازات المرضية والحج بموجب نظام الخدمة المدنية رقم (30) لسنة 2007م وتعديلاته.
  • تعريف الحوافز:

كما ورد في نظام الخدمة المدنية رقم (30) لسنة 2007م وتعديلاته… بأنه بدل معنوي أو مادي سواء كان نقداً أو تقدماً وظيفياً يمنح كأداة تحفيزية من قبل المرجع المختص لقاء جهد أو سلوك أو القيام بعمل متميز أو أداء أعمال خلال الدوام الرسمي وخارجه، تسهم في تطوير واقع العمل في الدائرة وتحسن صورتها وترفع من مستوي الخدمات المقدمة لمتلقي هذه الخدمة.

  • مفهوم الحوافز:

تعد سياسات الموارد البشرية في أي مؤسسة، تعبيراً مادياً عن فلسفة الإدارة والمبادئ التي تؤمن بها، والغرض من وضع هذه السياسة، هو الاستخدام الأمثل للموارد البشرية المتاحة.

ويعتبر التشجيع والتحفيز من المبادئ التي تحكم قواعد وأحكام تلك السياسات حيث أصبحت الحوافز المتنوعة عنصراً أساسياً من عناصر الأجر، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بدفع وتحريك الدوافع الإنسانية نحو الإنتاج والعمل سواء أكانت حوافز مادية أو معنوية.

ولعل الهدف الأساسي من وضع نظام متكامل لحفز المواد البشرية، يتمثل في ترغيب الأفراد العاملين في العمل والاستمرار فيه والولاء له لغاية خلق مؤسسة تسودها المحبة والتعاون والرغبة الصادقة في تحقيق الأهداف.

  • أهداف الحوافز:

لقد أثبتت الدراسات والبحوث المختصة في مجال الحوافز والمكافآت، أن هناك اختلافات فردية بين الأشخاص في قدرتهم ورغبتهم حيث تختلف دوافع الناس باختلاف الأهداف أو الأغراض التي يسعون إلي تحقيقها، فالدوافع عبارة عن عوامل داخلية (داخل الفرد ذاته) أما الأهداف فهي عوامل خارجية (خارج الفراد) وعلى ذلك نجد أن تحفيز الأفراد ينبغي أن يراعي دوافعهم الشخصية ودرجة قوة تحملها ثم استخدامها لتنشيط السلوك وتحقيق الأهداف المرجوة.

  • ومن أهداف الحوافز أيضا:

  • تشجيع المنافسة بين أفراد المؤسسة.
  • تحسين الإنتاجية.
  • إبراز أنشطة المؤسسة.
  • رفع الروح المعنوية لدى أفراد المؤسسة.
  • الاحتفاظ بالموارد البشرية داخل المؤسسة (عندما يشعر الموظف بأن حقه مهضوم وانه يفكر دوماً بترك العمل والبحث عن فرصة أخرى خارج المؤسسة تحقق له أهدافه).
  • حفز ذوي الأداء المتوسط إلى التقدم والارتقاء إلى مستوى أفضل من الأداء.
  • شروط تحقق التحفيز الفعال:

  1. أن تكون الحوافز متناسبة مع الجهد المبذول، فليس من العدل منح مكافأة كبيرة نظير عمل عادي، أو دفع مكافأة ضئيلة تجاه عمل كبير أو إبداع متميز.
  2. الإسراع في تقديم المكافأة وبعد الانتهاء من العمل المنجز.
  3. التنوع في تقديم المكافأة حتى لا يمل الموظف من الحصول على نفس الحافز وحتى لا يفقده قيمته، فمن الضروري الجمع بين الحوافز المادية والمعنوية.
  • التحفيز عن طريق المكافآت:

بما أن الحوافز من الأمور الهامة التي تستخدمها الإدارة الناجحة للحصول على تعاون الموظفين، فمن الضروري إيجاد برنامج منظم للحوافز التشجيعية يدفع الموظفين ويشجعهم على أداء العمل بصورة جيدة كما يعمل علي تحسين مستوى الأداء، وتستخدم معظم المؤسسات أنواعاً مختلفة من الحوافز يمكن الإشارة إلى بعض منها:

  1. الحوافز المادية: والتي تتناسب مع طبيعة الإنجاز وان تعطي في الوقت المناسب دون تأخير.
  2. الحوافز المعنوية: وهي التي تقدم من المسؤول في المؤسسة عن طريق توجيه كتاب شكر أو غيره يحفظ في ملفه.
  3. الحوافز الرادعة: وهي التي تتضمن نوعاً من العقاب يساعد ذلك في تجنب الاخلال بالعمل.
  • معوقات التحفيز:

  •  عدم تشجيع المسؤول للموظفين.
  •  سوء معاملة المسؤول للموظفين.
  •  عدم وضوح الأهداف في المؤسسات.
  •  حاجة المسؤول إلى التحفيز.
  •  عدم وجود قنوات اتصال بين المسؤول والموظف.
  •  كثرة القيادات وتضارب أوامرها.
  •  كثرة التغيير في القيادات خاصة إذا كان لكل مستخدم أسلوب في العمل يختلف عن سابقه.
  •  الأخطاء الإدارية كتعدد القرارات وتضاربها.
  •  قلة التدريب وقلة التوجيه لتصحيح الأخطاء.
  •  عدم المتابعة فلا تعرف أحيانا المحسن من المسيء.
  • وهكذا فإن الحوافز من المؤثرات الأساسية التي تلعب دوراً هاماً في سلوك الأفراد داخل المؤسسات، والتي من خلالها يمكن خلق الرغبة لديهم في أداء أعمالهم، الأمر الذي يمكن القول: (أن قدرة المنظمات والمؤسسات على تحقيق أهدافها، تتوقف إلى حد كبير على نجاح الإدارة في توفير القدر الكافي من الدافعية لدى الأفراد، ووضع نظام فعال للحافز الذي يوجه لإثارة السلوك الإنساني)، وبدورها تدفع الموظفين إلي الإنتاج وتحقق لهم الرضا عن العمل (مما يؤدي إلي رفع الروح المعنوية وزيادة معدلات الأداء).

وبالتالي فإن الحوافز من الموضوعات المهمة المطروحة في كثير من الأدبيات الاقتصادية على المستويين النظري والتطبيقي في مجالات الأعمال المؤسسية، وقد اكتسبت موضوعات هذا الجانب أهميتها وقوتها العلمية بسبب النمو الكبير في القطاعات المختلفة والتوسع في عملياتها الإنتاجية وتشعب أنشطتها وازدياد العاملين فيها.

  • المراجع والمصادر:

  •  السلمي علي (2002) إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية، دار غريب القاهرة.
  •  الحسيني فلاح حسن عدادي (2000) الإدارة الاستراتيجية-دار وائل للنشر-عمان.
  •  الشرقاوي علي، إدارة النشاط الإنتاجي في المشروعات.
  •  بدر الفاعوري ملف عام 2010.
أحدث أقدم